قصة يعقوب عليه السلام

watch_later الاثنين، 8 أغسطس 2016
ورث يعقوب عليه السلام من أبيه النبوة والحلم والعلم والصبر الجميل، وغير ذلك من صفات المهابة والجلال، فحقد عليه أخوه «عيسو» وأضمر له شراً فخاف يعقوب من أن يقتله فرحل إلى «حاران» في «فدان آرام» عند خاله «لابان» أخي «رفقة» وهو ابن «ناحور».
وبعد أن وصل إلى خاله لابان واستقر به المقام زوجه خاله بنته الكبرى «ليئة»، ثم زوجه أختها الصغرى «راحيل» فاجتمعتا عنده معاً، وكان الجمع بين الأختين جائزاً في شريعتهم.
وخدم يعقوب خاله لابان عشرين سنة ثم رحل قافلاً إلى فلسطين، فسكن في «شكيم» حيث اشترى أرضاً هناك، ثم أتى بإلهام إلهي إلى «بيت إيل»، ثم اتجه إلى بلدة «إفراته» التي سميت فيما بعد «ببيت لحم»، فولدت راحيل بنيامين وماتت هناك، ثم ارتحل إلى «حبرون» حيث أبوه إسحاق فيها، ثم إلى «شيلون» وفيها سكن إلى زمن حادثة ولده يوسف، ثم رحل لمصر، وبها توفي بعد سبع عشر سنة.
قيل: ومن محاسن الصدف أن يوسف أقام عنده في فلسطين في صغره سبع عشرة سنة، وأقام أبوه عنده بمصر سبع عشرة سنة.
وقد عاش يعقوب عليه السلام مائة وسبعاً وأربعين سنة «وحنط أطباء مصر جثته وجاء بها يوسف وإخوته إلى حبرون، ودفنوها في الغار الشريف ورجعوا لمصر حيث عيالهم ومعيشتهم».
وقد ولد يعقوب عليه قبل نبينا عليه الصلاة والسلام بنحو (2407 سنة) وتوفى قبله بنحو (2260سنة)- كما قال الشيخ عبد الله العلمي في كتابه «مؤتمر سورة يوسف».
وكان ليعقوب عليه السلام من الولد اثنا عشر ولداً.
ستة من «ليئة» وهم: «رأوبين» و«شمعون» و«لاوى» و«يهودا» و«يساكر» و«زبولون». واثنان من جاريته «بلهة» وهما «دان» و«نفتالى». واثنان من جاريته الأخرى «زلفة» وهما: «جاد» و«أشير»، واثنان من أحب النساء إليه «راحيل» وهما: «يوسف» و«بنيامين».
هذا وليعقوب عليه السلام في القرآن اسم آخر هو «إسرائيل» ومعناه: عبد الله.
قال تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران:93].
وقد حرم إسرائيل على نفسه- إن شفاه الله من مرض ألمَّ به- لُحمان الإبل وألبانها، فقد روى أحمد في مسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عصابة من اليهود حضرت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي، قال: «سلوني عما شئتم، ولكن اجعلوا لي ذمة الله، وما أخذ يعقوب على بنيه: لئن أنا حدثتكم شيئاً فعرفتموه لتتابعني على الإسلام»، قالوا: فذلك لك، قال: «فسلوني عما شئتم»، قالوا: أخبرنا عن أربع خلال: أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه؟، وكيف ماء المرأة وماء الرجل؟ كيف يكون الذكر منه؟ وأخبرنا: كيف هذا النبي الأمي في النوم؟، ومن وليه من الملائكة؟. فأخذ عليهم العهد لئن أخبرهم ليتابعنه، وقال: «أنشدكم بالذي أنزل التوارة على موسى: هل تعلمون أن إسرائي مرض مرضاً شديداً وطال سقمه، ونذر لله نذراً لئن شفاه الله من سقمه ليُحرِّمن أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه، وكان أحب الطعام إليه لُحمان الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها»، قالوا: اللهم نعم، قال: «اللهم اشهد عليهم»، وقال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، الذي أنزل التوراة على موسى: هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ، وماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله، إن علا ماء الرجل ماء المرأة كان ذكراً بإذن الله»، قالوا: نعم، قال: «اللهم اشهد عليهم»، وقال: «أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى: هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه»، قالوا: اللهم نعم، قال: «اللهم اشهد»، قالوا: وأنت الآن فحدثنا من وليّك من الملائكة؟ فعندما نجامعك أو نفارقك، قال: «إن وليِّي جبريل، ولم يبعث الله نبياً قط إلا وهو وليُّه»، قالوا: فعندما نفارقك، لو كان وليُّك غيره لتابعناك.
ونكتفي بهذا القدر من قصة يعقوب عليه السلام هنا لأن قصته تتجلى وتتجلى في قصة ولده يوسف، ففيها يظهر حلمه وعلمه، وصبره وفطنته، وأدبه وحسن معالجته للأمور، وعفوه وصفحه عمن أساء إليه من أبنائه وعشيرته، وغير ذلك من خلائقه الكريمة وأوصافه المحمودة.
* * *
* المرجع: قصص القرآن: د. محمد بكر إسماعيل.



sentiment_satisfied Emoticon