- الابتداء لغةً: الشروع.
- الابتداء اصطلاحاً: الشروع في القراءة بعد قطع أو وقف.
فإن كان بعد قطع وكان من أول السورة ، لزم قبله الاستعاذة والبسملة.
وإن كان بعد وقف فلا يلزم استعاذة ولا بسملة ، إلا إذا استمر إلى أن شرع
في أول غير سورة التوبة فيلزم البسملة.
* أقسام الابتداء:
- الابتداء نوعان:
(1) الابتداء بعد وقف.
(2) الابتداء بعد قطع.
أما الابتداء بعد الوقف فهو قسمان:
1)- الابتداء الجائز:
وهو الابتداء بكلام مستقل موفٍ بالمقصود غير مخلٍّ بالمعنى ولا يكون إلا
اختيارياً.
و الابتداء الجائز يتبع في تقسيمه الوقف الجائز فهو ثلاثة أقسام:
أ)- الابتداء التام: وهو ما كان بعد وقف تام أو بيان تام ،
أو بيان كافي كالابتداء بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا
يُؤْمِنُونَ)
[البقرة:6].
بعد الوقف التام وهو على (الْمُفْلِحُونَ) في قوله تعالى: (وَأُوْلَئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [البقرة:5].
وأيضاً كالابتداء بقوله تعالى: (إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا
يُعْلِنُونَ) بعد وقف البيان التام على قوله تعالى: (فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ)
[يس:76]
وأيضاً كالابتداء بقوله تعالى: (يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا)
بعد وقف البيان الكافي على قوله تعالى: (وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) [البقرة:8].
كما يكون الابتداء أيضاً بعد الوقف المتعين: وهو الابتداء بكلمة
(الذين) بعد نهاية الآية التي قبلها.
فإن كل ما ذُكر في القرآن من الذي يجوز الابتداء به ويجوز وصله بما قبله ،
إلا سبعة مواضع يتعين الابتداء بها وهي:
1-
(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ
تِلاَوَتِهِ) [البقرة:121] بعد قوله تعالى: (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم
بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ
نَصِيرٍ) [البقرة:120] فالذين مبتدأ خبره يتلونه حق تلاوته ، وليس لهذا تعلق بما
قبله لا لفظاً ولا معناً ، فلزم الابتداء به إذ الأصل الابتداء بالمبتدأ.
2-
(يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ)
[البقرة:146] وهذا بعد قوله تعالى: (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ
مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ) فلو وصلنا لكان
(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) صفة للظالمين وهذا غير مقصود لذلك تعين الابتداء
بـ ().
3-
(الَّذِينَ
يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ
الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) [البقرة:275] بعد قوله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ
أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ
عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة:274]
وليس للآية الثانية تعلق لفظي ولا معنوي بالآية الأولى
4-
(الَّذِينَ
آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ)
[الأنعام:20] بعد قوله تعالى: (وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ)
[الأنعام:19].
5-
(الَّذِينَ
آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنفُسِهِمْ) [التوبة:20] بعد قوله تعالى: (وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ) [التوبة:19] فلو لم نبتدئ بآية (الَّذِينَ آمَنُواْ) لأوهم معنى
غير مراد شرعاً إذ لا يمكن أن يوصف الظالمون بالمؤمنين والمجاهدين والمهاجرين في
سبيل الله تعالى فتعين الابتداء بها.
6-
(الَّذِينَ
يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ) [الفرقان:24] بعد قوله تعالى: (وَلَا يَأْتُونَكَ
بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا) [الفرقان:23] فلو لم
نبتدئ بآية (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ) لأوهم ذلك أن يكون لها تعلق لفظي ومعنوي بالتي
قبلها وهذا غير موجود حيث انقضى المبنى والمعنى بانتهاء الآية الأولى فتعيّن
الابتداء.
7-
(الَّذِينَ
يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ) [غافر:6] بعد قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ
حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ)
[غافر:5] فلو لم نبتدئ بآية (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ)لأوهم معنى غير مراد شرعاً إذ
لا يمكن أن يكون الملائكة المكرمون هم الكفار المبعدين فتعيّن الابتداء.
ب)- الابتداء الكافي: وهو الذي يكون بعد وقف كافٍ كالابتداء بقوله تعالى:
(خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ)
[البقرة:7] بعد الوقف الكافي على قوله: (لاَ يُؤْمِنُونَ) من قوله: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ
لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ).
ج)- الابتداء الحسن: وهو الذي يكون بعد وقف حسن ، كالابتداء بقوله تعالى:
(مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ) [آل عمران:3] بعد الوقف على قوله: (وَأَنزَلَ
التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ).
وقد يكون الوقف حسناً والابتداء بعده قبيحاً كالابتداء بقوله تعالى: (إِنَّ
اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآء) بعد قوله تعالى: (لَّقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ
الَّذِينَ قَالُواْ) فالوقف على قالوا حسن لكن الابتداء بعدها قبيح.
*أهم المصادر والمراجع:
- بغية عباد الرحمن لتحقيق تجويد القرآن: الشيخ محمد شحادة الغول.
- كيف تقرأ القرآن الكريم: الشيخ محمد أبو الفرج صادق.
- البرهان في علوم القرآن: الإمام الزركشي.