بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، أما بعد:
يقول تعالى: { إنما يتذكر أولو الألباب }، ويقول سبحانه:{ بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم }. فأعظم الناس تدبرا لكتاب الله هم العلماء، الذين يفهمون عن الله وعن رسوله المراد. ولذا فإن فهم العلماء – علماء أهل السنة - هم المصباح الذي نستنير به لفهم شريعة الإسلام.
وهذه فوائد بديعة استنبطها الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله، ومن جميل أدبه مع كتاب الله، انه بدأ كل واحدة بقوله "منها"، وذلك بيان منه رحمه الله، ألا يقدر على الإحاطة بحكم وعلم كتاب الله أحد إلا الله تعالى، فاسمعه إذ يقول:
" منها: أن الله يقص على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أخبار من قبله لتثبيت فؤاده وتطمين نفسه، ويذكر له من عباداتهم، وشدة صبرهم وإنابتهم ما يشوق إلى منافستهم، والتقرب إلى الله الذي تنافسوا في قربه والصبر على أذى قومه، ولهذا ذكر تعالى في أول سورة ص ما قاله المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم وما آذوه به، قال بعدها: { اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 17].
ومنها: أن قوله: { ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } مدح عظيم من الله لهذين الوصفين: قوة القلب والبدن على طاعة الله، والإنابة باطنا وظاهرا إلى الله المستلزمة لمحبته وكمال معرفته، وأن هذين الوصفين للأنبياء على وجه الكمال، ولمن بعدهم من أتباعهم على حسب اتباعهم، والثناء من الله عليهما يقتضي الحث على جميع الأسباب التي تعين على القوة والإنابة، وأن يكون العبد رجَّاعا إلى الله في حال السَّراء والضَّراء، وفي جميع الأحوال.
ومنها: ما أكرم الله به نبيه داود صلى الله عليه وسلم من حسن الصوت ورخامته، وأن الجبال والطيور تسبح الله معه وتجاوبه، وذلك من زيادة درجاته ومقاماته العالية.
ومنها: أن من أكبر نعم الله على عبده أن يرزقه العلم النافع، ويعرف الحكم بين الناس في المقالات والمذاهب، وفي الخصومات والمشاحنات، كما قال تعالى:{ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ }.
ومنها: كمال اعتناء المولى بأنبيائه وأصفيائه عندما يقع منهم بعض الهفوات بفتنة إياهم، وابتلائهم بما يزول عنهم المحذور، حتى يعودوا أكمل من أحوالهم الأولى، كما جرى لداود وسليمان.
ومنها: أن الأنبياء معصومون فيما يبلغون عن الله، فإن الله أمر بطاعتهم مطلقا، ومقصود الرسالة لا يحصل إلا بذلك، وقد يجري منهم أحيانا بعض مقتضيات الطبيعة من المخالفات، ولكن الله تعالى يبادرهم بلطفه، ويتداركهم بالتوبة والإنابة.
ومنها: أن داود في أغلب أوقاته ملازما محرابه لخدمة ربه، وله وقت يجلس فيه لحوائج الخلق، فقد أتم القيام بحق الله وحق عباده.
ومنها: أنه ينبغي استعمال الأدب في الدخول على الناس، خصوصا الحكام والرؤساء; فإن الخصمين لما دخلا على داود في حالة غير معتادة، ومن غير الباب فزع منهم، واشتد عليه ذلك، ورآه غير لائق بالحال.
ومنها: أنه لا يمنع الحاكم من الحكم بالحق سوء أدب الخصم، وفعله ما لا ينبغي.
ومنها: كمال حلم داود; فإنه ما غضب منهما حين جاءاه بغير استئذان، ولا انتهرهما ولا وبخهما.
ومنها: جواز قول المظلوم لمن ظلمه أنت ظلمتني، أو: يا ظالم ونحوه، أو: يا باغي لقوله: {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ}.
ومنها: أن المنصوح ولو كان كبير القدر كثير العلم عليه أن لا يغضب ولا يشمئز، بل يبادر بقبول النصيحة والشكر لمن نصحه، ويحمد الله إذ قيض له النصيحة على يد الناصح، فإن داود لم يشمئز من قول الخصمين:{ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ }، بل حكم بالحق الصرف.
ومنها: أن المخالطة بين الأقارب والأصحاب والمعاملين، وكثرة التعلقات الدنيوية المالية موجبة للتعادي، وبغي بعضهم على بعض، وأنه لا يرد عن هذا الداء العضال إلا التقوى والصبر بالإيمان والعمل الصالح، وأن هذا من أقل شيء في الناس.
ومنها: إكرام الله لداود وسليمان بالزلفى عنده وحسن المآب، فلا يتوهم أحد أن ما جرى منهما منقص لدرجتهما عند الله، وهذا من تمام لطفه بعباده المخلصين، وأنه إذا غفر لهم وأزال عنهم أثر الذنوب، أزال الآثار المترتبة عليها حتى ما يقع في قلوب الخلق، وما ذلك على فضل الكريم بعزيز.
ومنها: أن مرتبة الحكم بين الناس مرتبة دينية تولاها رسل الله وخواص خلقه، وأن على القائم بها الحكم بالحق، وأن لا يتبع الهوى; فالحكم بالحق يقتضي العلم بالأمور الشرعية، والعلم بصورة القضية المحكوم بها، وكيفية إدخالها في الأحكام الشرعية الكلية، فالجاهل بواحد من هذه الأمور لا يحل له الإقدام على الحكم بين الناس.
ومنها: أن سليمان يعد من فضائل داود، ومن منن الله عليه، قال تعالى:{ وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 30]. وهذا أعظم تزكية، وأكبر فخر لسليمان.
ومنها: كثرة خير الله وفضله على عبيده الأخيار، يمنُّ عليهم بالأخلاق الجميلة والأعمال الصالحة، ثم يثني عليهم بها ويرتِّب عليها من الثواب أنواعا منوعة، وهو المتفضل بالأسباب ومسبباتها.
ومنها: أن سليمان قدَّم محبة الله على محبة كل شيء، وأتلف الخيل التي ألهته عن ذكر ربه حتى توارت الشمس بالحجاب.
ومنها: أن كل ما أشغل العبد عن طاعة مولاه فهو مشؤوم فليفارقه، وليقبل على ما هو أنفع له.
ومنها: أنه يؤخذ من أن سليمان لما أتلف الخيل الجياد - التي ألهته عن طاعة الله - سخَّر الله له الريح والشياطين؛ أن من ترك شيئا لله عوَّضه الله خيرا منه.
ومنها: أن تسخير الشياطين وتسخير الريح على الوجه الذي سخرت لسليمان، لا تكون لأحد بعد سليمان، ولهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ الشيطان الذي تفلت ليلة، فيربطه في سارية المسجد قال: "ذكرت دعوة أخي سليمان فتركته".
ومنها: أن سليمان كان ملكا نبيا مباح له أن يفعل ما يريد، ولكنه لكماله لا يريد إلا الخير والعدل، وهذا بخلاف النبي العبد، فإنه لا يكون له إرادة مستقلة، بل إرادته تابعة لمراد الله منه، فلا يفعل ولا يترك إلا تبعا للأمر، كحال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ومنها: أن الله أعطى سليمان ملكا عظيما، فيه أمور لا يمكن أن تدرك بالأسباب، وإنما هي من تقدير الملك الوهاب؛ مثل تسخير الريح تبعا لأمره، وتسخير الشياطين، وكون جنوده من الإنس والجن والطير، وأن الطيور كانت تخدمه الخدمة العظيمة، يرسلها للجهات توصل منه الأخبار، وتأتيه بأخبار تلك الجهات، وقد أعطاها الله من الفهم ومعرفة أحوال الآدميين ما قص الله علينا نبأه في هذه القصة، وكذلك الذي عنده علم من الكتاب حين استعد أن يأتيه بعرش ملكة سبأ قبل أن يرتد إليه طرفه، وهذه آيات أنبياء، فلهذا مهما بلغ الخلق في الترقي في علوم الطبيعة والمهارة بالمخترعات فلن يصلوا إلى ما أُعطيه سليمان.
ومنها: أنه ينبغي للملوك والرؤساء أن يسألوا عن أحوال الأمراء والرؤساء والرجال المتميزين، ولا يكتفوا بمجرد السؤال، بل يختبرونهم ويختبرون معرفتهم للأمور وعقولهم، كما فعل سليمان مع ملكة سبأ؛ امتحنها ليستدل على كمال عقلها ورجاحته، ولم يكتف بالسؤال، وهذا فيه للملوك فوائد عظيمة، وهم محتاجون لهذا أشد الحاجة، وتمام الملك أن يدير دفته الرجال الكاملون ". تيسير اللطيف المنان خلاصة تفسير القرآن (ص:352-357).
نسأل الله أن يعلمنا ويفقهنا في كتابه
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
يقول تعالى: { إنما يتذكر أولو الألباب }، ويقول سبحانه:{ بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم }. فأعظم الناس تدبرا لكتاب الله هم العلماء، الذين يفهمون عن الله وعن رسوله المراد. ولذا فإن فهم العلماء – علماء أهل السنة - هم المصباح الذي نستنير به لفهم شريعة الإسلام.
وهذه فوائد بديعة استنبطها الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله، ومن جميل أدبه مع كتاب الله، انه بدأ كل واحدة بقوله "منها"، وذلك بيان منه رحمه الله، ألا يقدر على الإحاطة بحكم وعلم كتاب الله أحد إلا الله تعالى، فاسمعه إذ يقول:
" منها: أن الله يقص على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أخبار من قبله لتثبيت فؤاده وتطمين نفسه، ويذكر له من عباداتهم، وشدة صبرهم وإنابتهم ما يشوق إلى منافستهم، والتقرب إلى الله الذي تنافسوا في قربه والصبر على أذى قومه، ولهذا ذكر تعالى في أول سورة ص ما قاله المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم وما آذوه به، قال بعدها: { اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 17].
ومنها: أن قوله: { ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } مدح عظيم من الله لهذين الوصفين: قوة القلب والبدن على طاعة الله، والإنابة باطنا وظاهرا إلى الله المستلزمة لمحبته وكمال معرفته، وأن هذين الوصفين للأنبياء على وجه الكمال، ولمن بعدهم من أتباعهم على حسب اتباعهم، والثناء من الله عليهما يقتضي الحث على جميع الأسباب التي تعين على القوة والإنابة، وأن يكون العبد رجَّاعا إلى الله في حال السَّراء والضَّراء، وفي جميع الأحوال.
ومنها: ما أكرم الله به نبيه داود صلى الله عليه وسلم من حسن الصوت ورخامته، وأن الجبال والطيور تسبح الله معه وتجاوبه، وذلك من زيادة درجاته ومقاماته العالية.
ومنها: أن من أكبر نعم الله على عبده أن يرزقه العلم النافع، ويعرف الحكم بين الناس في المقالات والمذاهب، وفي الخصومات والمشاحنات، كما قال تعالى:{ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ }.
ومنها: كمال اعتناء المولى بأنبيائه وأصفيائه عندما يقع منهم بعض الهفوات بفتنة إياهم، وابتلائهم بما يزول عنهم المحذور، حتى يعودوا أكمل من أحوالهم الأولى، كما جرى لداود وسليمان.
ومنها: أن الأنبياء معصومون فيما يبلغون عن الله، فإن الله أمر بطاعتهم مطلقا، ومقصود الرسالة لا يحصل إلا بذلك، وقد يجري منهم أحيانا بعض مقتضيات الطبيعة من المخالفات، ولكن الله تعالى يبادرهم بلطفه، ويتداركهم بالتوبة والإنابة.
ومنها: أن داود في أغلب أوقاته ملازما محرابه لخدمة ربه، وله وقت يجلس فيه لحوائج الخلق، فقد أتم القيام بحق الله وحق عباده.
ومنها: أنه ينبغي استعمال الأدب في الدخول على الناس، خصوصا الحكام والرؤساء; فإن الخصمين لما دخلا على داود في حالة غير معتادة، ومن غير الباب فزع منهم، واشتد عليه ذلك، ورآه غير لائق بالحال.
ومنها: أنه لا يمنع الحاكم من الحكم بالحق سوء أدب الخصم، وفعله ما لا ينبغي.
ومنها: كمال حلم داود; فإنه ما غضب منهما حين جاءاه بغير استئذان، ولا انتهرهما ولا وبخهما.
ومنها: جواز قول المظلوم لمن ظلمه أنت ظلمتني، أو: يا ظالم ونحوه، أو: يا باغي لقوله: {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ}.
ومنها: أن المنصوح ولو كان كبير القدر كثير العلم عليه أن لا يغضب ولا يشمئز، بل يبادر بقبول النصيحة والشكر لمن نصحه، ويحمد الله إذ قيض له النصيحة على يد الناصح، فإن داود لم يشمئز من قول الخصمين:{ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ }، بل حكم بالحق الصرف.
ومنها: أن المخالطة بين الأقارب والأصحاب والمعاملين، وكثرة التعلقات الدنيوية المالية موجبة للتعادي، وبغي بعضهم على بعض، وأنه لا يرد عن هذا الداء العضال إلا التقوى والصبر بالإيمان والعمل الصالح، وأن هذا من أقل شيء في الناس.
ومنها: إكرام الله لداود وسليمان بالزلفى عنده وحسن المآب، فلا يتوهم أحد أن ما جرى منهما منقص لدرجتهما عند الله، وهذا من تمام لطفه بعباده المخلصين، وأنه إذا غفر لهم وأزال عنهم أثر الذنوب، أزال الآثار المترتبة عليها حتى ما يقع في قلوب الخلق، وما ذلك على فضل الكريم بعزيز.
ومنها: أن مرتبة الحكم بين الناس مرتبة دينية تولاها رسل الله وخواص خلقه، وأن على القائم بها الحكم بالحق، وأن لا يتبع الهوى; فالحكم بالحق يقتضي العلم بالأمور الشرعية، والعلم بصورة القضية المحكوم بها، وكيفية إدخالها في الأحكام الشرعية الكلية، فالجاهل بواحد من هذه الأمور لا يحل له الإقدام على الحكم بين الناس.
ومنها: أن سليمان يعد من فضائل داود، ومن منن الله عليه، قال تعالى:{ وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 30]. وهذا أعظم تزكية، وأكبر فخر لسليمان.
ومنها: كثرة خير الله وفضله على عبيده الأخيار، يمنُّ عليهم بالأخلاق الجميلة والأعمال الصالحة، ثم يثني عليهم بها ويرتِّب عليها من الثواب أنواعا منوعة، وهو المتفضل بالأسباب ومسبباتها.
ومنها: أن سليمان قدَّم محبة الله على محبة كل شيء، وأتلف الخيل التي ألهته عن ذكر ربه حتى توارت الشمس بالحجاب.
ومنها: أن كل ما أشغل العبد عن طاعة مولاه فهو مشؤوم فليفارقه، وليقبل على ما هو أنفع له.
ومنها: أنه يؤخذ من أن سليمان لما أتلف الخيل الجياد - التي ألهته عن طاعة الله - سخَّر الله له الريح والشياطين؛ أن من ترك شيئا لله عوَّضه الله خيرا منه.
ومنها: أن تسخير الشياطين وتسخير الريح على الوجه الذي سخرت لسليمان، لا تكون لأحد بعد سليمان، ولهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ الشيطان الذي تفلت ليلة، فيربطه في سارية المسجد قال: "ذكرت دعوة أخي سليمان فتركته".
ومنها: أن سليمان كان ملكا نبيا مباح له أن يفعل ما يريد، ولكنه لكماله لا يريد إلا الخير والعدل، وهذا بخلاف النبي العبد، فإنه لا يكون له إرادة مستقلة، بل إرادته تابعة لمراد الله منه، فلا يفعل ولا يترك إلا تبعا للأمر، كحال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ومنها: أن الله أعطى سليمان ملكا عظيما، فيه أمور لا يمكن أن تدرك بالأسباب، وإنما هي من تقدير الملك الوهاب؛ مثل تسخير الريح تبعا لأمره، وتسخير الشياطين، وكون جنوده من الإنس والجن والطير، وأن الطيور كانت تخدمه الخدمة العظيمة، يرسلها للجهات توصل منه الأخبار، وتأتيه بأخبار تلك الجهات، وقد أعطاها الله من الفهم ومعرفة أحوال الآدميين ما قص الله علينا نبأه في هذه القصة، وكذلك الذي عنده علم من الكتاب حين استعد أن يأتيه بعرش ملكة سبأ قبل أن يرتد إليه طرفه، وهذه آيات أنبياء، فلهذا مهما بلغ الخلق في الترقي في علوم الطبيعة والمهارة بالمخترعات فلن يصلوا إلى ما أُعطيه سليمان.
ومنها: أنه ينبغي للملوك والرؤساء أن يسألوا عن أحوال الأمراء والرؤساء والرجال المتميزين، ولا يكتفوا بمجرد السؤال، بل يختبرونهم ويختبرون معرفتهم للأمور وعقولهم، كما فعل سليمان مع ملكة سبأ؛ امتحنها ليستدل على كمال عقلها ورجاحته، ولم يكتف بالسؤال، وهذا فيه للملوك فوائد عظيمة، وهم محتاجون لهذا أشد الحاجة، وتمام الملك أن يدير دفته الرجال الكاملون ". تيسير اللطيف المنان خلاصة تفسير القرآن (ص:352-357).
نسأل الله أن يعلمنا ويفقهنا في كتابه
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم