قصة إدريس عليه السلام

watch_later الاثنين، 8 أغسطس 2016
ذكر الله إدريس عليه السلام مع الأنبياء والمرسلين في مواضع من كتابه العزيز عَدّاً ولم يذكر له قصة، ولكن وصفه في سورة مريم فقال: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا﴾ [مريم:56]، ووصفه مع جملة من الأنبياء المرسلين في سورة الأنبياء فقال: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ 85/21وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ [الأنبياء:85-86].
فهو كما وصفه الله صديقٌ نبيٌّ، صابرٌ، صالحٌ، مرفوعٌ عند الله مكاناً عليّاً والصِّدِّيق: هو من بلغ الكمال في الصدق أو قاربه. وكونه نبيّاً يجعله كاملاً فيه بلا شك.
إن الصدق من موجبات النبوة ومن أوصافها التي لا تتخلف عنها، فكل نبي لابد أن يكون متصفاً بالصدق والأمانة معصوماً من الكذب والخيانة ومن كل ذنب كبير وصغير قبل النبوة وبعدها على الأصح من الأقوال العلماء، وهو نبي مرسل لعَدِّه مع جملة المرسلين في سورة مريم وسورة الأنبياء.
ووصفه بالصبر يدل على أنه قد لقى من قومه عنتاً شديداً وأذىً كثيراً وابتلى بأنواع من البلاء، فقابلها بالشكر والرضا؛ لهذا وصفه الله بالصلاح وهو أعظم وصف يتمناه عباد الله المخلصين.
وصلاح الأنبياء أكمل من صلاح الأولياء، ولكنهم درجات كما قال تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾ [البقرة:253].
وقد رفع الله إدريس مكاناً علياً، رفعة مكان لا رفعة مكان، فعظم من شأنه وخلد ذكره في العالمين، ويظهر لي- والله أعلم- أنه لم يعمر طويلاً، ولم تكن له شريعة ذات أحكام كثيرة، ولم يكن في قصته شيء من العبر يزيد على ما جاء في قصص الأنبياء من بعده فطواها الله استغناءً عنها لذلك.
هذا.. وقد حاك بعض القصاص من أهل الكتاب وغيرهم ممن لا يقبل قولهم ولا يصح سندهم- في شأنه- أساطير، هي إلى الخيال أقرب منها إلى الحقيقة، ذكر بعضها ابن كثير في البداية والنهاية وحكم عليها بالوضع والكذب.
ولكن من هو إدريس عليه السلام؟
قال ابن كثير: هو إدريس بن يرد بن مهلاييل بن قينن بن انوش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام.
واسمه في الكتب السابقة «خنوخ». وهو في عمود نسب النبي محمد صلى الله عليه وسلم على ما ذكر غير واحد من العلماء.
وهو أول من أعطى النبوة بعد شيث عليه السلام، وشيث أعطى النبوة بعد أبيه آدم عليه السلام، ولم يذكر شيث في القرآن لأن نبوته كانت امتداداً لنبوة أبيه، والله أعلم.
* * *
* المرجع: قصص القرآن: د. محمد بكر إسماعيل.



sentiment_satisfied Emoticon